سفير قطر بالقاهرة يفتتح أعمال منتدى السياسات الإقليمية العربى الأول

القاهرة: منى سعيد 

افتتح سفير قطر بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية طارق الأنصارى، اليوم الأربعاء، أعمال منتدى السياسات الإقليمية العربى الأول حول إعلان الدوحة: “الأسرة والتغيرات الكبرى المعاصرة”، والذى تنظمه دولة قطر ممثلةً فى معهد الدوحة الدولى للأسرة، بالتنسيق مع مندوبية قطر بالقاهرة، والتعاون مع جامعة الدول العربية.

وقال السفير خلال كلمته: إن هذا المنتدى يشكل امتدادًا لجهود قطر فى دعم قضايا الأسرة إقليميًا ودوليًا، وكان آخرها مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة الذى عُقد فى الدوحة فى أكتوبر 2023، بمناسبة مرور ثلاثة عقود على إعلان الأمم المتحدة لعام 1994.

ناقش المؤتمر، تحديات معاصرة مثل التغيرات الديموغرافية والتكنولوجية والهجرة والتغير المناخى، وأصدر “إعلان الدوحة” متضمنًا أكثر من 30 توصية لدعم الأسر وتعزيز السياسات الاجتماعية.

ويُعد هذا الإعلان مكمّلًا لنداء الدوحة لعام 2014 الذى دعا لتمكين الأسر وتحقيق التوازن بين العمل والحياة والتنمية الشاملة.

وتابع السفير: إن اجتماعنا اليوم يأتى ليحمل مشعل المتابعة والتفعيل لما ورد فى إعلان الدوحة، متجاوزًا حدود التوصيات النظرية إلى بحث الآليات الواقعية لتطبيقها، فى ضوء ما تشهده الأسرة العربية من تحولات عميقة.

هو منصة حوارية رفيعة تُعزز التكامل بين صناع السياسات والباحثين والممارسين، وتهيئ الأرضية اللازمة لبناء سياسات أسرية مدروسة، تستند إلى المعرفة الدقيقة، والتجارب الميدانية الناجحة، والتعاون المؤسسى الفعّال.

وأضاف، تواجه الأسرة العربية اليوم تحديات معقدة ومتعددة الأبعاد، تتجاوز التحولات العالمية كالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، لتتداخل مع خصوصيات ثقافية واجتماعية واقتصادية تميز المنطقة.

بينما تعصف النزاعات والصراعات ببعض الأسر، تعانى أخرى من ضغوط اقتصادية متزايدة، وتحديات الهجرة والفجوة الرقمية.

ولا ينفصل ذلك عن التغيرات الثقافية والاجتماعية التي تهديد الهويات الأسرية التقليدية وتؤثر بشكل كبير على دور الأسرة وقدرتها على توفير الاستقرار النفسى والاجتماعى لأفرادها.

ولا يمكن الحديث عن التحديات التى تواجه الأسرة العربية دون التوقف عند الأثر المدمّر للاحتلال الإسرائيلى على كيان الأسرة واستقرارها، إذ تمثل الأسر الواقعة تحت الاحتلال – وعلى رأسها الأسر الفلسطينية، وتلك فى الجولان السورى المحتل ولبنان – نموذجًا صارخًا لتفكك البُنى الاجتماعية بفعل القهر المنهجى.

وأكد السفير، أن الاحتلال لم يكتفِ بتجريد الأرض من أهلها، بل استهدف بشكل مباشر الأسر عبر سياسات الاعتقال وهدم المنازل، والفصل القسرى بين أفراد العائلة، وفرض الحصار، ما أدى إلى تفكيك الروابط الأسرية وتشويه الأدوار داخل العائلة.

كما أن هذا الاستهداف البنيوى للأسرة بوصفها نواة المجتمع العربى، يتجاوز الأبعاد الإنسانية ليمس جوهر الهوية والانتماء، ويهدد بتوارث المعاناة وعدم الاستقرار عبر الأجيال.

لذا فإن أى رؤية استراتيجية لتمكين الأسرة العربية لا تكتمل دون إدراج الاحتلال باعتباره عاملًا بنيويًا يقوّض كيان الأسرة.

وفى ظل هذا الواقع المعقد، فإن الاستجابة الفاعلة لتلك التحديات لا يمكن أن تكون آنية أو جزئية، بل ينبغى أن تكون استجابات حكيمة وشاملة تستند إلى رؤية استراتيجية واعية تضع الأسرة فى قلب السياسات العامة.

كما أكد، أن تمكين الأسرة اليوم لم يعد ترفًا اجتماعيًا، بل هو استثمار فى استقرار المجتمعات، وبناء لمستقبل أكثر تماسكًا وعدلاً وقدرة على التكيف مع عالم سريع التغير.

وقال: إن الاهتمام باستقرار الأسرة وأفرادها وتعزيز التماسك الأسرى يعد من الغايات الجوهرية التى ترتكز عليها رؤية قطر الوطنية 2030، إذ تنطلق هذه الرؤية من إيمان راسخ بأن الأسرة المتماسكة هى الأساس فى بناء مجتمع مزدهر ومستقر. ومن هذا المنطلق، أولت دولة قطر قضايا الأسرة اهتمامًا محوريًا فى رؤيتها التنموية، إدراكًا منها بأن التماسك الأسرى يشكل ركيزة الاستقرار الاجتماعى وأساس بناء الإنسان.

وفى ظل التحديات المتنامية التى تواجه الأسر فى منطقتنا، من تحولات اجتماعية واقتصادية متسارعة إلى الأزمات الإنسانية والنزاعات، حرصت قطر على أن تكون فى طليعة الدول التى تبادر بفهم هذه التحولات والتعامل معها بمنظور شامل، يوازن بين الحفاظ على القيم الأسرية والانفتاح على مقتضيات العصر.

وجسد هذا الالتزام فى دعمها المستمر للبحوث والسياسات التى تعزز من صمود الأسرة، وترسّخ مكانتها كمحور للتنمية المستدامة والنهضة المجتمعية.

وأعرب السفير، عن تقديره العميق لمعهد الدوحة الدولى للأسرة، وجامعة الدول العربية، وكل الشركاء الذين أسهموا بجهد مخلص فى إطلاق هذا المنتدى.

وأكد، باسم دولة قطر، الدعم الراسخ لكل المبادرات الإقليمية والدولية التى تسعى إلى تمكين الأسرة، وصون كرامتها، وتعزيز قدرتها على الصمود فى وجه التغيرات المتسارعة.

وقال: نأمل أن يكون هذا المنتدى خطوة جادة نحو صياغة رؤية عربية مشتركة، تُترجم التنسيق إلى سياسات، وتُحوّل التوصيات إلى أثر ملموس فى حياة أسرنا ومجتمعاتنا.